رحم العالم

كتاب “رحم العالم: أمومة عابرة للحدود” للكاتبة شيرين أبو النجا، يمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، إذ يطرح أسئلة جريئة حول مفهوم الأمومة السائد، ويقدم تحليلاً معمقًا لأشكال الأمومة المختلفة والمتناقضة. يمكن القول إن الثقافة العربية لم تسمح بتحويل الأمومة إلى سؤال بحثي مطلقًا، بل حرصت على السيطرة عليها داخل إطار يختلط فيه الديني والمحرم والمقدس والوطني ليبقى الأمر على ما هو عليه.

ورغم الحضور القوي للأم في النصوص الأدبية من روايات وأشعار ثم الفنون والأفلام والأغاني والصور الفوتوغرافية التي تجعل منها مركز المعنى وتستكشف تعددية نموذجها، تبقى الأمومة من المسلمات التي لم تستفز العقل البحثي ولم تدفع إلى السؤال أو التساؤل. في العقد الماضي بدأ تحريك المياه الراكدة ثم صدر مؤخرًا كتاب الناقدة والأكاديمية شيرين أبو النجا “رحم العالم: أمومة عابرة للحدود” متناولًا في ١٤ فصلًا أصنافًا من الأمومة مثل الأم الأبوية والهاربة والمقاومة والمهزومة، ومحللًا كيف صار الرحم آلة بعد إضفاء هالة قدسية وصفة غريزية لا تنطبق أو تتوفر لدى كل النساء.

الكتاب يقدم قراءة مغايرة للتصور الشائع عن الأم، وينطلق نحو فضاء أرحب لا يتقيد بالمسلمات أو يعيد فهمها. “رحم العالم” لا يكتفي بتفكيك الصورة النمطية للأم، بل يغوص في أعماق التجارب الإنسانية المعقدة التي تعيشها النساء في سياقات ثقافية واجتماعية وسياسية مختلفة.

تتناول أبو النجا في كتابها مفهوم “الأمومة العابرة للحدود”، وهي فكرة تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، لتشمل جميع النساء اللاتي يعشن تجارب الأمومة بطرق مختلفة، سواء كن أمهات بيولوجيات أو حاضنات أو بديلات أو حتى نساء اخترن عدم الإنجاب. الكتاب يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها النساء في عالم اليوم، والتي تتراوح بين الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وصولًا إلى العنف والتمييز.