الوصف
رواية «شارع الأميرات»، على الرغم من تناولها فترة زمنية لا تتجاوز عامًا أو عامين من سيرة جبرا إبراهيم جبرا في العراق،
إلا أنها تضع القارئ في قلب المشهد الأدبي والفني لتلك الحقبة،
كاشفةً عن عوالم وشخصيات كان لها أثرٌ بالغ في تشكيل مسار الإبداع في المنطقة بأسرها.
فمن خلال تلك الصفحات، يرسم جبرا لوحةً واسعة المدى لمرحلةٍ احتضنت بدايات التحوّل الثقافي،
وأثمرت فيما بعد عن حركات فكرية وفنية تركت بصمتها العميقة في الوعي العربي الحديث.
لقد مثّلت الحلقات الأدبية والفنية التي نشأت مطلع الخمسينيات من القرن الماضي منابر للأفكار والأحلام الكبرى،
وأرست الأسس الأولى لذائقةٍ فنية جديدة، كانت أكثر انفتاحًا وجرأة.
والطيف الثقافي الذي يصوّره جبرا عن تلك المرحلة يحمل دلالاتٍ عميقة،
فمن دون هذه الشهادات الحيّة – بما تضمّه من أسماء ووقائع وإنجازات –
يصعب على القارئ أن يدرك المسار الحقيقي للتطورات التي تلتها.
ومن هنا تكتسب شهادة جبرا أهميتها الخاصة،
ولا سيما في ظل محاولاتٍ لاحقة لإعادة قراءة تلك المرحلة بما يتماشى مع أهواء مختلفة عن حقيقتها.
لم يكن جبرا في هذا العمل مؤرخًا أو موثّقًا بالمعنى التقليدي،
لكن الهوامش التي زخر بها الكتاب تلقي أضواءً كاشفة على تفاصيل الواقع الثقافي آنذاك،
أما جرأته في الطرح وصراحته النادرة فهما من أبرز سمات هذا النص،
إذ قدّم نموذجًا استثنائيًا في الأدب العربي، قلّ أن نجد له مثيلاً،
وجعل من «شارع الأميرات» شهادةً أدبية وفكرية تستحق أن تُتّخذ قدوة في الصدق والوضوح والعمق الإنساني.
لا توجد مراجعات بعد.